في رسالة لمجلس الأمن جديرة جداً بالمتابعة : ممثل الجبهة بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو الدكتور “سيدي محمد عمار” يدحض من جديد وبالأدلة الموثقة إدعاءات ممثل دولة الاحتلال لدى الأمم المتحدة.
نيويورك، 17 سبتمبر 2024 سعادة السيد صموئيل زوبوجار السفير وممثل سلوفينيا لدى مجلس الأمن رئيس مجلس الأمن سعادة السفير، أود أولاً أن أهنئكم على توليكم رئاسة مجلس الأمن لشهر سبتمبر وأن أتمنى لكم كل النجاح في مهمتكم. تسلم مجلس الأمن مؤخراً رسالة من الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة يبذل فيها، كالعادة، قصارى جهده لتشويه الحقائق وترويج ادعاءات لا أساس لها بشأن قضية الصحراء الغربية. بدافع من هوسه بتكرار نفس الأكاذيب على أمل أن يصدقها الناس في نهاية المطاف، يعيد ممثل دولة الاحتلال المغربية اجترار نفس الادعاءات التي لا أساس لها من الصحة والتي كنا قد دحضنا بأدلة موثقة في رسائل سابقة بما في ذلك (S/2023/219) و (S/2023/456) و (S/2024/614)، من بين رسائل أخرى. ومع ذلك، وإحقاقاً للحق ولوضع الأمور في نصابها الصحيح سنلقي نظرة فاحصة على هذه الادعاءات لنثبت مرة أخرى أنها مخالفة تماماً للحقيقة ومضللة. أولاً : الصحراء الغربية هي إقليم غير محكوم ذاتياً خاضع لتصفية الاستعمار بحسب الأمم المتحدة منذ عام 1963 ويحتله المغرب بشكل غير شرعي منذ عام 1975 يدعي ممثل دولة الاحتلال المغربية في رسالته أن قضية الصحراء الغربية ليست “مسألة تصفية استعمار” وأن الإقليم، حسب قوله، لا يعتبر “”إقليماً مستعمراً” لا بحكم التاريخ ولا القانون الدولي ولا تقارير الأمين العام للأمم المتحدة ولا فتوى محكمة العدل الدولية، ناهيك عن قرارات مجلس الأمن”. ومما لا يخلو من دلالة أن ممثل دولة الاحتلال يُسْقط من قائمته الجمعيةَ العامة وهي الجهاز الرئيسي للأمم المتحدة المختص بتحديد إقليم مستعمَر كإقليم غير محكوم ذاتياً وتقرير ما إذا كان قد تم إنهاء استعمار ذلك الإقليم أم لا بالمعنى المقصود في الفصل الحادي عشر من ميثاق الأمم المتحدة. إن هذا الإغفال الفاضح يكشف الكثير عن دوافعه المخادعة. من المعلوم للجميع أن الفصل الحادي عشر من ميثاق الأمم المتحدة ينطبق بشكل لا لبس فيه على الأقاليم “المعروفة بأنها من نوع المستعمرات” (A/RES/1541(XV)). وعلى هذا الأساس، وافقت إسبانيا في عام 1960—تحت ضغط الدول الأعضاء المعروفة بمواقفها المناهضة للاستعمار—على نقل معلومات عن الصحراء الإسبانية آنذاك إلى الأمين العام وفقاً لأحكام الفصل الحادي عشر من ميثاق الأمم المتحدة. وعلى هذا الأساس أيضا أدرجت اللجنة الخاصة المعنية بإنهاء الاستعمار (لجنة الأربعة والعشرين) في تقريرها (A/5446/Rev.1) المُقدم للجمعية العامة في ديسمبر 1963 الإقليمَ في قائمة الأقاليم غير المحكومة ذاتياً التي ينطبق عليها إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمَرة. ومنذ ذلك الحين تتناول الجمعية العامة وهيئاتها ذات الصلة الصحراء الغربية بوصفها إقليماً غير محكوم ذاتياً ومسألة تصفية استعمار بالمعنى المقصود في الفصل الحادي عشر من ميثاق الأمم المتحدة. ويؤكد هذه الحقيقة، في جملة أمور، التقرير الذي قدمه الأمين العام إلى الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة والذي يذكر فيه بوضوح ما يلي: “إن لجنة المسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار (اللجنة الرابعة) التابعة للجمعية العامة واللجنة الخاصة المعنية بحالة تنفيذ إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمَرة تتناولان الصحراء الغربية بوصفها إقليماً غير محكوم ذاتياً ومسألة إنهاء استعمار” ((A/79/229)، الفقرة 2) كما أعربت الجمعية العامة عن شجبها العميق للاحتلال المغربي للصحراء الغربية الذي تم في انتهاك لمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقواعد الأساسية للقانون الدولي. في القرار 34/37 المؤرخ 21 نوفمبر 1979، “تعرب الجمعية العامة عن بالغ شجبها لتفاقم الوضع الناجم عن استمرار احتلال المغرب للصحراء الغربية” و “تحث المغرب على الانضمام إلى عملية السلام وإنهاء احتلاله لإقليم الصحراء الغربية” (A/RES/34/37، الفقرتان 5 و 6 من المنطوق على التوالي). وقد أعادت الجمعية العامة تأكيد روح ونص قرارها 34/37 في قرارها 35/19 المؤرخ 11 نوفمبر 1980. وفيما يتعلق بمحكمة العدل الدولية يكفي الاستشهاد باستنتاج رأيها الاستشاري بشأن الصحراء الغربية المؤرخ 16 أكتوبر 1975 الذي قضت فيه المحكمة بما يلي: “إن المحكمة خلصت إلى أن المواد والمعلومات المُقدمة إليها لا تقيم الدليل على وجود أي رابطة من روابط السيادة الإقليمية بين إقليم الصحراء الغربية والمملكة المغربية أو الكيان الموريتاني. وهكذا لم تجد المحكمة أي روابط قانونية كتلك الروابط ذات الطابع الذي يمكن أن يؤثر على تطبيق قرار الجمعية العامة 1514 (د-15) في إنهاء استعمار الصحراء الغربية، ولا سيما تطبيق مبدأ تقرير المصير من خلال التعبير الحر والحقيقي عن إرادة سكان الإقليم” (ST/LEG/SER. F/1، ص. 132). ولم تكتفِ محكمة العدل الدولية بإثبات أنه لم تكن هناك أي رابطة للسيادة الإقليمية بين الصحراء الغربية والمغرب، بل أكدت من جديد أيضا قرار الجمعية العامة 1514 (د-15) في إنهاء استعمار الإقليم. وفيما يتعلق بمجلس الأمن، تجدر الإشارة إلى أن مجلس الأمن أكد من جديد، في قراره الأول بشأن الصحراء الغربية (S/RES/377 (1975))، المتُخذ في 22 أكتوبر 1975، أحكامَ قرار الجمعية العامة 1514 (د-15) المؤرخ 14 ديسمبر 1960 وجميع قرارات الجمعية العامة الأخرى ذات الصلة بالصحراء الغربية. وعلاوة على ذلك، شكل قرار الجمعية العامة 1514 (د-15) الأساس المنطقي لقراري مجلس الأمن 658 (1990) و 690 (1991) الذي صادق المجلس بمقتضاه بالإجماع على خطة التسوية المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية وإنشاء بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو). في ضوء ما سبق، طالما أن الجمعية العامة لم تتحقق بعد من ممارسة الشعب الصحراوي لحقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال وفقاً لميثاق الأمم المتحدة وقرارات الجمعية العامة ذات الصلة، فإن الصحراء الغربية تظل إقليماً غير محكوم ذاتياً ينطبق عليه إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمَرة. وتجدر الإشارة إلى أن وضع الصحراء الغربية كإقليم غير محكوم ذاتياً وإقليم مُحتل في آن واحد يتفق مع القانون الدولي والممارسة الدولية. ثانياً : “اتفاق مدريد” لاغ وباطل وليس له أي أثر قانوني على الوضع الدولي للصحراء الغربية كإقليم غير محكوم ذاتيا. يدعي ممثل دولة الاحتلال المغربية في رسالته أن عملية “إنهاء استعمار” الصحراء الغربية قد “تمت بصورة نهائية” بفضل ما يسمى ب “المسيرة الخضراء”، وأن اكتسابها هو أمر “مفروغ منه داخل الأمم المتحدة وفقاً لقرار الجمعية العامة 3458 باء (د-30) المؤرخ 10 ديسمبر 1975 الذي أحاطت فيه الجمعية علماً باتفاق مدريد الموقّع في 14 نوفمبر 1975”. وفيما يتعلق بما يسمى “المسيرة الخضراء”، تجدر الإشارة إلى أن مجلس الأمن اتخذ بالإجماع القرار 380 (1975) في 6 نوفمبر 1975 الذي “يشجب فيه تنظيم المسيرة” و “يدعو المغرب إلى أن يسحب فوراً من إقليم الصحراء الغربية جميع المشاركين في المسيرة” (S/RES/380 (1975)، الفقرتان 1 و 2 من المنطوق على التوالي). لماذا شجب مجلس الأمن بالإجماع ما يسمى ب “المسيرة الخضراء” ودعا المغرب إلى سحب مواطنيه فوراً من الصحراء الغربية، وهل كان المجلس سيتخذ مثل هذا القرار بالإجماع لو أنه كان يعترف بمطالبات المغرب بالإقليم؟ الجواب واضح: إن مجلس الأمن، الذي يتحمل المسؤولية الرئيسية عن صون السلم والأمن الدوليين، شجب المسيرة المغربية ودعا إلى انسحابها الفوري لأنها شكلت عملاً عدوانياً انتهك حدود الصحراء الغربية وسلامتها الإقليمية. ومن الغريب أن ممثل دولة الاحتلال المغربية يبدو أنه تعلم شيئاً واحداً على الأقل من رسالتنا السابقة (S/2024/520) التي كشفنا فيها عن تحريفه المتعمد لقرار الجمعية العامة 3458 باء (د-30) عندما ادعى زوراً أن الجمعية العامة “أيدت” (“entériné” في بيانه الأصلي بالفرنسية) “اتفاقية مدريد”. وكما أوضحنا في رسالتنا (S/2024/520)، فقد اكتفت الجمعية العامة في قرارها 3458 باء (د-30) بأن “أحاطت علماً” بالاتفاقية، وهي حقيقة يبدو أن ممثل دولة الاحتلال يُسلم بها الآن في رسالته الأخيرة. ومع ذلك، وكما سنبين لاحقاً، لا يزال أمامه الكثير لكي يتعلمه ليكف عن ترويج الادعاءات التي تفتقر بوضوح إلى أي أساس وتشكل استخفافاً بعقول الدول الأعضاء. من الحقائق الثابتة أن الجمعية العامة لم “تؤيد” أو “تصادق” أبداً على “اتفاقية مدريد”. ولم تعتبر قط أن الاتفاقية قد أثرت على المركز الدولي للصحراء الغربية بوصفها إقليماً غير محكوم ذاتياً طبقاً لقرار الجمعية العامة 742 (د-8) المؤرخ 27 نوفمبر 1953 والقرارات ذات الصلة. وكما هو مبيَّن أعلاه، تواصل الجمعية العامة وهيئاتها الفرعية معالجة قضية الصحراء الغربية بوصفها إقليماً غير محكوم ذاتياً ومسألة إنهاء استعمار بالمعنى المقصود في الفصل الحادي عشر من ميثاق الأمم المتحدة (A/79/229)، الفقرة 2). وعلاوة على ذلك، فإن الرأي الاستشاري الذي أصدره نائب الأمين العام للشؤون القانونية، المستشار القانوني، في 29 يناير 2002، بناء على طلب مجلس الأمن، واضح تماماً بشأن هذه المسألة. فقد أثبت المستشار القانوني، هانس كوريل، في رأيه الاستشاري أن “اتفاقية مدريد لم تنقل السيادة على الإقليم، ولم تمنح أياً من الموقعين وضع الدولة القائمة بالإدارة. وهو وضع لم يكن بإمكان إسبانيا وحدها أن تنقله من جانب واحد. ولم يؤثر نقل السلطة الإدارية على الإقليم إلى المغرب وموريتانيا في عام 1975 على الوضع الدولي للصحراء الغربية بوصفها إقليماً غير محكوم ذاتياً” (S/2002/161، الفقرة 6). وإذا كانت عملية إنهاء استعمار الصحراء الغربية قد “تمت بصورة نهائية” بفضل ما يسمى ب “المسيرة الخضراء” وأنها أمر “مفروغ منه داخل الأمم المتحدة وفقاً لقرار الجمعية العامة 3458 باء (د-30)”، كما يدعى ممثل دولة الاحتلال، فلماذا تشجب الجمعية العامة بشدة “استمرار احتلال المغرب للصحراء الغربية” في قراريها 34/37 لعام 1979 و 35/19 لعام 1980 المشار إليهما أعلاه؟ وإذا كانت عملية إنهاء استعمار الصحراء الغربية قد “تمت بصورة نهائية” فلماذا قبل الملك الحسن الثاني، ملك المغرب، الاستفتاء حول تقرير مصير شعب الصحراء الغربية ولماذا تعهد رسمياً باعتبار بلده ملزماً بنتائج ذلك الاستفتاء (A/38/PV.8، الفقرة 26)؟ وفي السياق ذاته، لماذا وافقت دولة الاحتلال في أغسطس 1988 على مقترحات التسوية المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية “التي تتضمن مقترحات لإيجاد حل عادل ونهائي لقضية الصحراء الغربية وفقاً لقرار الجمعية العامة 1514 (د-15)” (S/21360، الفقرة 1)؟ وإذا كانت عملية إنهاء استعمار الإقليم قد “تمت بصورة نهائية” فلماذا صادق مجلس الأمن، في قراره 658 (1990)، على “تقرير الأمين العام المُحال إلى المجلس وفقا للقرار 621 (1988) بغية تسوية قضية الصحراء الغربية”؟ وعلاوة على ذلك، لماذا أنشأ مجلس الأمن، بتصويت أعضائه بالإجماع وتحت سلطته، بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) لتنظيم استفتاء لتقرير مصير شعب الصحراء الغربية (S/RES/690 (1991))؟ وبالمحصِّلة، إذا كانت عملية إنهاء استعمار الإقليم قد “تمت بصورة نهائية” في عام 1975 لماذا تُبقي الجمعية العامة وهيئاتها الفرعية وكذلك مجلس الأمن قضية الصحراء الغربية قيد نظرهما “كمسألة إنهاء استعمار” في حالة الجمعية العامة و”كمسألة تتعلق بالسلم والأمن” في حالة مجلس الأمن ((A/79/229)، الفقرة 2)؟ لم يستطع ممثل دولة الاحتلال المغربية أبداً الإجابة على أي من هذه الأسئلة المباشرة لأنها تكشف تفاهة كامل “الحجة” التي تحاول عبثاً على أساسها دولة الاحتلال “تبرير” احتلالها غير الشرعي للصحراء الغربية المتواصل منذ عام 1975 في انتهاك لميثاق الأمم المتحدة والقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي. ثالثاً : تقرير المصير هو حق غير قابل للتصرف يجب أن تمارسه الشعوب المعنية بصورة حرة وحقيقية، وليس القوى المحتلة والاستعمارية يشير ممثل دولة الاحتلال في رسالته إلى “مبدأ تقرير المصير”. ومع ذلك، فإن كلامه الطنّان المخادع حول هذا الموضوع يكشف أن لديه “حساسية مزمنة” تجاه تقرير المصير لدرجة أنه بالكاد يشير إليه، وإذا فعل ذلك، فإنه دائما ما يشوه جوهر هذا الحق الجوهري والغرض الأساسي منه. فعلى سبيل المثال، يشير بشكل انتقائي ومختزل إلى قرار الجمعية العامة 1514 (د-15)، لكنه يغفل الفقرة 4 من منطوق القرار التي تنص على أن “تتوقف جميع الأعمال المسلحة أو التدابير القمعية بجميع أنواعها المُوجهة ضد الشعوب غير المستقلّة لتمكينها من الممارسة الحرة والسلمية لحقها في الاستقلال التام وتحترم سلامة أراضيها الوطنية”. ويشير أيضا إلى قراري الجمعية العامة 1541 (د-15) لعام 1960 و 2625 (د-25) لعام 1970 فيما يتعلق بإعمال الحق في تقرير المصير. غير أنه لا يشير إلى القاعدة الأساسية التي يقوم عليها حق الشعوب في تقرير المصير وطرق تطبيقه التي “تستلزم التعبير الحر والحقيقي عن إرادة الشعوب المعنية” (تقارير محكمة العدل الدولية 1975، الصفحتان 12 و 32). ويشير ممثل دولة الاحتلال على سبيل التضليل إلى مبدأ “السلامة الإقليمية”. غير أن هذا المبدأ لا صلة له على الإطلاق بهذه القضية لأن الصحراء الغربية لم تكن قط جزءا من المغرب كما أكدت محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري المذكور أعلاه لعام 1975. وعلاوة على ذلك، لا تزال الأمم المتحدة تعتبر الصحراء الغربية إقليماً غير محكوم ذاتياً ولديه “وضع منفصل ومتميز” عن دولة الاحتلال المغربية وفقاً لقرار الجمعية العامة 2625 (د-25) والقرارات ذات الصلة. ولم تذكر الجمعية العامة في أي موضع من القرارات التي استشهد بها ممثل دولة الاحتلال أن الغزو العسكري والاحتلال والاستيلاء بالقوة على الأراضي ضد رغبات شعوبها هي طرق لممارسة تقرير المصير، لأن هذه هي بالضبط الطريقة التي قام بها المغرب باحتلاله غير الشرعي للصحراء الغربية في أكتوبر 1975، وهو ما شجبته الجمعية العامة بشدة في قراريها المذكورين أعلاه. ويشير ممثل دولة الاحتلال إلى خيار “أي وضع سياسي آخر يُحدد بحرية” كوسيلة لإعمال الحق في تقرير المصير وفقاً لقرار الجمعية العامة 2625 (د-25). ومع ذلك فهو يتجاهل حقيقة أن أي “وضع سياسي آخر”، على النحو المنصوص عليه في القرار 2625 (د-25)، يجب أن “تقرره بحرية” الشعوب المعنية نفسها، وليس القوى المحتلة أو الاستعمارية. وفي هذا السياق، يشير إلى “المقترح” التوسعي لدولة الاحتلال ويدعي زوراً أن مجلس الأمن “أعاد تأكيد أفضليته وجديته ومصداقيته” منذ عام 2007. والحقيقة هي أن مجلس الأمن، في فقرة واحدة فقط من الديباجة، يكتفي “بالإحاطة علماً” بذلك “المقترح” بنفس الطريقة التي يحيط بها المجلس علماً أيضا بمقترح جبهة البوليساريو المُقدم إلى الأمين العام في 10 أبريل 2007. وبالتالي، فإن مجلس الأمن لم “يؤكد” أبداً أفضلية “المقترح” التوسعي المغربي ولا أي من الصفات الأخرى التي يدعيها ممثل دولة الاحتلال. وهذا مثال آخر على تحريفه وتدليسه المتعمد. وعلاوة على ذلك، يصف “المقترح” التوسعي بأنه “ديمقراطي”. والحقيقة هي أن دولة الاحتلال المغربية هي الأقل تأهيلاً في العالم للحديث عن الديمقراطية بأي شكل من الأشكال بسبب نظامها الاستبدادي القائم على الطغيان والحط من الكرامة الإنسانية الذي يجرد المغاربة من حس المواطنة ويحولهم إلى مجرد “رعايا” مجبرين على الخضوع لممارسات مهينة تذكرنا بالعصور الوسطى. يشيد ممثل دولة الاحتلال “بالدعم الرمزي الكبير الأخير لفرنسا كعضو دائم في مجلس الأمن”. وعلى الرغم من أن هذا “الدعم الرمزي” ليس مفاجئاً بالنظر إلى “روابط الاعتماد المتبادل (interdépendance) الدائمة” القائمة بين دولته (المحميّة) وحاميتها (السابقة)، فإن الأعمال التي تقوم بها البلدان انتهاكاً لالتزاماتها الدولية والتزاماتها تجاه الكافة ينبغي إدانتها، وليس الاحتفاء به. رابعاً : الصحراء الغربية المحتلة هي أكبر سجن على وجه الأرض ومنطقة محظورة على هيئات الأمم المتحدة والمراقبين الدوليين ووسائل الإعلام يدعي ممثل دولة الاحتلال المغربية أن الصحراء الغربية المحتلة هي “نموذج حقيقي” للتنمية. ليس هناك ما هو أبعد عن الحقيقة من هذا الادعاء الذي لا أساس له من الصحة. الشيء الوحيد الذي جلبته دولة الاحتلال إلى الصحراء الغربية المحتلة هو حرب الإبادة الجماعية ومصادرة الأراضي وطمس الهوية والتراث الصحراوي والفقر ونهب الموارد الطبيعية والتهجير القسري والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. وكما وثقت العديد من منظمات حقوق الإنسان الدولية والأفريقية، فإن الصحراويين في الصحراء الغربية المحتلة يعيشون في جحيم حقيقي في أكبر سجن على وجه الأرض حيث يتعرضون يومياً للقمع الوحشي والإرهاب والعقاب الجماعي على أيدي قوات القمع المغربية بعيداً عن رقابة المجتمع الدولي بسبب التعتيم الإعلامي المفروض على الإقليم. وتواصل دولة الاحتلال انتهاج سياسة الأرض المحروقة الواسعة النطاق من خلال مصادرة أراضي الصحراويين وتدمير منازلهم وتهجيرهم قسراً وتخريب ممتلكاتهم وتقويض سبل عيشهم بهدف معلن هو اقتلاعهم من منازلهم وأراضيهم وتوطين المزيد من المستوطنين المغاربة وغيرهم في الإقليم. وتندرج هذه الممارسات الاستعمارية في إطار خطة استيطانية استعمارية ممنهجة تهدف إلى إدامة الاحتلال غير الشرعي للصحراء الغربية في انتهاك صارخ لقواعد القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي. وإذا كان الوضع في الصحراء الغربية المحتلة هو بالضبط كما وصفه ممثل المغرب، فلماذا تواصل دولة الاحتلال منع مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان من زيارة الإقليم للسنة الثامنة على التوالي على الرغم من نداءات مجلس الأمن المتكررة إلى دولة الاحتلال لتيسير هذه الزيارات (S/RES/2703 (2023))؟ ولماذا تستمر دولة الاحتلال في منع دخول الصحفيين الأجانب والمراقبين المستقلين وترحيل أولئك الذين يتمكنون من دخول الصحراء الغربية المحتلة؟ الجواب واضح: دولة الاحتلال المغربية تخشى أن يطلع العالم على الفظائع والجرائم البشعة التي ترتكبها قواتها القمعية ضد الصحراويين في الصحراء الغربية المحتلة والجحيم الحقيقي الذي يعيشون فيه تحت الاحتلال منذ عام 1975 وبما أن الإحسان يبدأ في البيت، كما يقول المثل، فبدلاً من ترويج ادعاءات حول “الاستثمارات الضخمة ومشاريع التنمية الهيكلية” الوهمية في الصحراء الغربية المحتلة، ينبغي على ممثل دولة الاحتلال المغربية أن يشعر بالقلق الشديد إزاء الفقر المدقع والبؤس والظروف اللاإنسانية التي يعيش فيها الملايين من مواطنيه المغاربة والتي لا تزال تدفع العديد منهم إلى المخاطرة بحياتهم في محاولة للوصول إلى أوروبا. فعلى سبيل المثال لا الحصر لا يزال العالم يتذكر المشاهد المروعة لمئات المغاربة اليائسين، بمن فيهم نساء يحملن أطفالهن، وهم يسبحون على قوارير بلاستيكية للوصول إلى إسبانيا في مايو 2021 وفي الختام، وكما أوضحنا أعلاه، فإن ادعاءات ممثل دولة الاحتلال المغربية في رسالته الأخيرة إلى مجلس الأمن ليست سوى سلسلة من الادعاءات التي تفتقر بوضوح إلى أي أساس والتي تهدف إلى تشويه الحقائق وخداع الدول الأعضاء. إلا أن ممثل دولة الاحتلال يخدع نفسه إذا ظن أنه يستطيع تضليل الدول الأعضاء بتكرار نفس الأكاذيب وإطلاق نفس الادعاءات التي ثبُت مراراً وتكراراً أنها مخالفة تماماً للحقيقة ومضللة. وأرجو ممتناً إطلاع أعضاء مجلس الأمن على هذه الرسالة. وتفضلوا، سعادة السفير، بقبول أسمى عبارات التقدير والاحترام. الدكتور سيدي محمد عمار السفير، ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو