مطاوعة الشعب الصحراوي الأسطورية لأرض اللجوء القاحلة، والتأسيس لبنى تحتية محترمة في إطار التحضير لدولة الاستقلال (تعليم، صحة، أمن وأمان، إكتفاء ذاتي، ممارسة ديمقراطية… الخ)، لفتت إنتباه العالم وكانت جواز السفر الجذاب، الذي عبرت به القضية إلى قلوب الملايين عبر العالم.
تلك التجربة الرائعة، أمّنت على الحق وعدالة القضية، وكانت سبباً مباشراً في اعتراف عشرات البلدان عبر العالم وفي تبني المجتمع الدولي مسار التسوية المبني على مبدأ تقرير المصير والاستقلال، إنطلاقا من الإيمان، بقابلية “الدولة الصحراوية المستقلة للحياة والبقاء”، وإسهامها في تعزيز أمن واستقرار المنطقة، بناء على التجربة المميزة خلال العقود الخمسة الأخيرة.
الخدوش المسجلة والمتزايدة بشكل مقلق مؤخرا، تقوّض تلك الصورة وتقدم هدايا ثمينة لدعاية الاحتلال، وتجعل الشك يراود العالم، بما فيه الأصدقاء، إزاء قدرتنا الفعلية على إقامة دولة مستقلة، تكون إضافة إيجابية وعامل توازن واستقرار في المنطقة.
بالنسبة لعالم اليوم، خاصة القوى النافذة، شرط الأحقية (الحق) لاحقٌ وربما ثانوي، مقارنة بالشرط السابق، ألا وهو الأهلية والإقناع بالقدرة على إرساء دعائم دولة غير فاشلة، توفر كافة الضمانات.
ما يحدث بين الفينة والأخرى، لا يمكن أن يستمر، لأنه يضرب المشروع الوطني في الصلب؛ - داخليا، من حيث تأثيره على تماسك الجسم الوطني وتراص صفوفه وراء الهدف المركزي للكفاح والسبب الأصلي للجوء؛ - خارجيا، من خلال تأثيره المباشر على مواقف القوى الكبرى إنطلاقا من حسابات “الأهلية والقدرة”. ربح هذا الرهان، يبدأ حتما من؛ 1. التخلي عن المقاربة الضيقة التي تختزل الأمن فقط في موضوع “حفظ النظام العام”، والتي لا تنتج إلا الحلقات المفرغة من “الأفعال وردات الأفعال”. 2. تبني مقاربة شاملة للأمن في أبعاده التوعوية، السياسية، الاجتماعية والاقتصادية! 3. الزجُّ بالأدوات الكفيلة بإقناع الجماهير بحيوية الرهان، ومرافقتها الميدانية لربحه في شتى المجالات. ما لحق بالصورة الجميلة، إلى حد الساعة، مجرد خدوش قابلة للتدارك، لتشرق من جديد. لكن، إذا ما تأخرنا فستتحول إلى أخاديد حغائرة وبالتالي، لا قدّر الله، بداية مسار قد لا يكون من السهل تداركه!