قدم الدكتور سيدي محمد عمار، عضو الأمانة الوطنية، ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو، دراسة بحثية بعنوان “الصحراء الغربية: تحليل نقدي لتدبير الأمم المتحدة لنزاع طال أمده” في إطار حلقة نقاش المخصصة لقضية الصحراء الغربية التي جرت ضمن مناقشات ورشة النقاش التي نظمها يوم الجمعة معهد العلاقات الاقتصادية الدولية اليوناني بالعاصمة أثينا تحت عنوان “الأمن والاستقرار في منطقة البحر المتوسط والشرق الأوسط”.
وشملت الدراسة البحثية تحليلاً نقدياً للكيفية التي تدبر بها الأمم المتحدة الوضع في الصحراء الغربية، وخاصة المقاربات التي ينتهجها مجلس الأمن بهذا الخصوص التي ساهمت في إطالة أمد حالة الجمود التي تحولت في نهاية المطاف إلى نزاع طويل الأمد قد تكون له عواقب وخيمة على السلم والأمن الإقليميين.
وفي هذا السياق، أستهل الدبلوماسي والأكاديمي الصحراوي عرضه بالتذكير بكون الأمم المتحدة هي المنظمة الدولية بامتياز وحارسة لسيادة القانون الدولي في العالم، مشيراً إلى أن المقصد الأول للأمم المتحدة، ووفقاً لميثاقها، يكمن في حفظ السلم والأمن الدوليين وإلى حقيقة أن أعضاء الأمم المتحدة عهدوا إلى مجلس الأمن بالمسؤولية الرئيسية عن حفظ السلم والأمن الدوليين.
وشرح فصول تطور عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في الصحراء الغربية بعد قبول طرفي النزاع، جبهة البوليساريو والمغرب، لخطة التسوية المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية في 1988 وإنشاء مجلس الأمن لبعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) كعملية سلام في 1991. كما شدد على أن الاعتراف بحق شعب الصحراء الغربية في تقرير المصير ثابت في العديد من القرارات الصادرة عن الجمعية العامة ومجلس الأمن نفسه، بما فيها آخر قرار رقم 2703 (2023)، الذي أكد فيه المجلس من جديد التزامه بمساعدة الطرفين على التوصل إلى حل يكفل لشعب الصحراء الغربية تقرير مصيره.
وأضاف أن العامل الحاسم الذي قاد إلى خلق حالة الجمود الحالي في عملية السلام يكمن في تقاعس مجلس الأمن، تحت تأثير بعض أعضائه الدائمين، عن استخدام سلطته لضمان امتثال المغرب لالتزاماته واستمرار المجلس في تبني مقاربة قائمة على افتراض أن الحفاظ على الوضع القائم هو الخيار الأقل تكلفة بسبب بعض الاعتبارات الجيوسياسية من منظور بعض الدول الكبرى.
وأشار الدكتور سيدي محمد عمار بنحو خاص إلى أن قيام مجلس الأمن بالتغيير التدريجي لأهداف عملية السلام أدى إلى أنتاج إطار سردي ومعياري قائم على مصطلحات مثل “الواقعية” و”العملية” و”التوافق” في مقابل الحق في تقرير المصير ومبادئ القانون الدولي، وهو الإطار الذي لا يزال إلى اليوم يؤطر ويقيد الطريقة التي يدبر بها مجلس الأمن الوضع في الصحراء الغربية.
ونتيجة لذلك، فإن ما نراه اليوم نتيجةً لتبني ذلك الإطار السردي والمعياري من منظور مجلس الأمن هو عملية سلام تحول مركز ثقلها من الإطار القانوني لتصفية الاستعمار كأساس للحل إلى اعتبارات الواقعية السياسية والبراغماتية.
كما أكد أنه من المهم أن يدرك مجلس الأمن أن استفتاء تقرير المصير لا يزال هو الحل الوحيد القائم على التوافق الذي قبله الطرفان وزكاه مجلس الأمن. وباعتبار أن الصحراء الغربية هي قضية تصفية استعمار، فإن مجلس الأمن مطالب بامتلاك الإرادة السياسية اللازمة لتمكين المينورسو من الوفاء الكامل بولايتها وإجراء استفتاء يمارس فيه الشعب الصحراوي حقه في تقرير المصير والاستقلال بطريقة حرة وديمقراطية.
وفي الختام، ذكر ممثل جبهة البوليساريو بالأمم المتحدة والمنسق مع المينورسو بأن مجلس الأمن هو أساساً هيئة سياسية تعمل في سياق سياسي تهيمن عليه القوى العظمى وسياسات القوة. ومع ذلك، ما لم يتخذ المجلس، كحافظ للسلم والأمن الدوليين، إجراء حازما لإعادة عملية السلام في الصحراء الغربية إلى مسارها، فإن النزاع سيتواصل مع ما يمكن أن يترتب على استمراره من عواقب وخيمة على السلم والأمن في المنطقة وخارجها .
شبكة ميزرات الإعلامية (منقول) بتاريخ الإثنين 03 يونيو 2024 في حدود الساعة التاسعة ونصف صباحاً بتوقيت العيون المحتلة.