أقترفت قوة الاحتلال المغربي منذ 31 تشرين أول / أكتوبر 1975 جريمة دولية باحتلالها العسكري للصحراء الغربية، وماترتب عنها من ارتكاب جرائم حرب و الجرائم ضد الإنسانية في حق المدنيين الصحراويين العزل، الذين عانوا من سياسةعقابية جماعية ممنهجة، يظل من أبرز مظاهرها: الإبادة الجماعية من خلال رمي مدنيين صحراويين من الطائراتالعسكرية، وطمرهم أحياء في مقابر جماعية، و شن حملات واسعة من الاغتيالات و الاختطافات والاعتقالات المصحوبةبممارسة التعذيب، والاغتصابات، والتهجير القسري، والترحيل القسري للبدو الصحراويين نحو المدن واستهداف موردعيشهم، وتسميم الآبار وإغلاقها.
وبهدف إدامة هذا الاحتلال ودعمه، تبنت قوة الاحتلال المغربي سياسة استيطانية مكثفة، بعد أن استقدمت بشكل مستمرموجات من المستوطنين المغاربة للصحراء الغربية، مع توفير محفزات وشروط لتوطينهم بالجزء المحتل من الصحراءالغربية عن طريق :
_إنشاء أحياء كمساكن لعائلات مختلف التشكيلات المدنية و العسكرية بمدن الصحراء الغربية.
_مَنح المستوطنين فرص عمل ومحفزات عبارة عن تعويضات مادية ( ازدواجية الرواتب الشهرية – السكن – تخفيضأسعار المحروقات – دعم المواد الأساسية – منح وإعانات مادية ).
_الإعفاء الضريبي للشركات وتخفيض الـتأمينات على السيارات و الشاحنات و الباخرات ….
_توظيف العديد من المستوطنين في سلك الوظيفة العمومية و شبه العمومية.
_الاعتماد في اليد العاملة بالمعامل والأوراش على المستوطنين، وبطول الشريط الساحلي للجزء المحتل من الصحراءالغربية، خصوصا ” قرى الصيادين التقليديين بالداخلة وبوجدور والعيون… ” ، التي تعرف تجمعات وبؤر استيطانية،مزاحمة للمدنيين الصحراويين في مقدرات الحياة، وهذا ما يتنافى مع المادة 47 و المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة1949.
و بدعم من قوة الاحتلال المغربي ، احتل الآلاف من هؤلاء المستوطنين أماكن وممتلكات المدنيين الصحراويين ، الذين فروااضطراريا خوفا من الاضطهاد السياسي من مدن ومداشر وأرياف الصحراء الغربية بسبب الغزو والاجتياح والاحتلالالعسكري المغربي، حيث تجمعوا في مخيمات داخل الصحراء الغربية بأم ادريكة وتفاريتي والمحبس، و التي تعرضتللقنبلة بالنابلم والفوسفور الأبيض المحرمين دوليا من قبل قوة الإحتلال المغربي، قبل أن يتم تجميعهم كلاجئين فيمخيمات اللاجئين الصحراويين جنوب غرب تندوف بالجزائر، تاركين ممتلكاتهم وأراضيهم، في وقت باشرت فيه قوةالاحتلال المغربي حملات اختطاف المئات من المدنيين الصحراويين، و الزج بهم في مخابئ سرية، و ترحيل عائلاتصحراوية بأكملها قسرا إلى مدن داخل المغرب، تلاها تهجير أكثر من 6000 شابا صحراويا اغلبيتهم من التلاميذ سنة1987.
و كانت قوة الاحتلال المغربي، قد بررت عمليات التهجير القسري لسنوات متفاوتة بدواعي توفير الشغل للصحراويينداخل المدن المغربية، في وقت عمدت فيه إلى إغراق مدن الصحراء الغربية بالمستوطنين، وهو ما يشكل تجاوزا خطيراللقانون الدولي الإنساني، خصوصا المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة الفقرة 6، التي تحظر على القوة المحتلة نقلمجموعات من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها أو نقل مواطني الأراضي المحتلة قسريا إلى مناطق أخرى، ولايقتصر الحظر على النقل السري أو العلني بل يشمل أيضا الوضع الذي تعمل فيه القوة المحتلة بنشاط، ومن خلالمجموعة من الحوافز السياسية والاقتصادية على تشجيع سكانها على الإقامة والسكن في الأراضي المحتلة بعد نقلالسكان الأصليين إلى مناطق أخرى ، وبذلك تقوم بتغيير معالمها الجغرافية والديمغرافية.
و في المقابل عملت قوة الاحتلال المغربي على نشر المخدرات بكل أنواعها في صفوف الشباب الصحراوي و على إرغامالمئات من الأطفال و الشبان الصحراويين على ركوب قوارب الموت للهجرة إلى أوروبا بتأطير من شبكات منظمةومدعومة، وساهمت في انتشار مظاهر الجريمة المنظمة، وإغراق مدن الصحراء الغربية بالمهاجرين غير النظاميينالمنحدرين من إفريقيا جنوب الصحراء..
و منذ الاحتلال المغربي للصحراء الغربية، اتخذت عملية مصادرة أراضي المدنيين الصحراويين طابعا ممنهجا ومستمرامن خلال مسطرة ” التحفيظ العقاري “، اذ تعتبر قوة الاحتلال المغربي أراضي الصحراء الغربية المحتلة ملكية عامةتدخل في نطاق ” الملك العام / أملاك الدولة العامة “، التي هي بحكم القانون الدولي الإنساني أراضي محتلة خاضعةلمبدأ تصفية الاستعمار منذ 1963 .
وفي هذا الإطار، عمدت قوة الاحتلال المغربي منذ سنوات إلى عمليات تحفيظ متسارعة، ومكثفة، لمساحات شاسعة منالأراضي الصحراوية، والتي بلغت أوجها إبان جائحة كورونا في استغلال لحالة الطوارئ الصحية المفروضة من قوةالاحتلال المغربي.
وفي تعد واضح ومكشوف على حقوق الحيازة المشروعة للمواطنين الصحراويين لأراضيهم، ستصبح هذه الأراضي بالإكراه في ملكية الاحتلال من أجل تفويتها للخواص، و الشركات الرأسمالية المتعددة الجنسيات، في إطار مشاريعدولية عابرة للقارات لإستغلال ونهب خيرات وثروات الصحراء الغربية، مستغلة أزمة الطاقة العالمية بسبب تداعياتالحرب في أوكرانيا، وحاجة الدول الأوروبية للطاقة، مما دفع قوة الاحتلال المغربي لمحاولة توريط قوى دولية، لشرعنةاحتلاله العسكري للصحراء الغربية، من خلال:
_منحها استثمارات في مجال حقول الطاقة الريحية، والشمسية، والصيد البحري، والمجال الفلاحي والسياحي، وآخرمشروع تم إبرامه في هذا السياق مع بريطانيا يتعلق ببناء ألواح شمسية ضخمة، ومزارع رياح بالمحبس نواحي الزاك،والشبيكة، والمسيد نواحي الطنطان.
_إنشاء قنصليات غير شرعية لبعض الدول الإفريقية والعربية بالصحراء الغربية، منتهكا القانون الدولي وميثاقالإتحاد الإفريقي في محاولة لتدويل إحتلاله العسكري للصحراء الغربية، معتمدا على صفقة التطبيع والمقايضة معالكيان الصهيوني وبالتنسيق المتعدد المجالات : عسكري وإستخباراتي واقتصادي وثقافي يسمح بتواجد الكيانالصهيوني بشكل علني بالصحراء الغربية.
إن جرائم قوة الاحتلال المغربي في الاستيلاء على أراضي الصحراويين تعتبر انتهاكا صريحا، وصارخا للقانون الدوليالإنساني، وخاصة اتفاقيات جنيف الأربع وبرتوكولاتها الملحقة وإعلان الأمم المتحدة الخاص بحقوق الشعوب الاصليةسنة 2007، وكذا التزامات قوة الإحتلال المغربي اتجاه “المبادئ التوجيهية الطوعية بشأن الحوكمة المسؤولة للأرضوالمصايد والغابات ” المصادق عليها من طرف لجنة الأمم المتحدة المعنية بالأمن الغذائي العالمي في آيار / مايو 2012 فيإطار مسؤوليات والتزامات الدول بخصوص الأراضي، والتي يتعين عليها (أي الدول):
_الاعتراف بجميع أصحاب حقوق الحيازة المشروعة و بحقوقهم، واحترامهم، كما يتوجب عليها أن تتخذ تدابير معقولةلتحديد وتسجيل واحترام أصحاب حقوق الحيازة المشروعة وحقوقهم، سواء كانت مسجلة أو غير مسجلة رسميا ؛والامتناع عن التعدي على حقوق حيازة الآخرين ؛ والوفاء بالواجبات المصاحبة لحقوق الحيازة.
_صون حقوق الحيازة المشروعة من التهديدات والانتهاكات، ويتعين على الدول حماية أصحاب حقوق الحيازة من فقدانحقوق حيازتهم بصورة تعسفية …
_تعزيز وتسهيل التمتع بحقوق الحيازة المشروعة، ويتعين على الدول اتخاذ تدابير نشطة لدعم وتسهيل الإعمال الكاملبحقوق الحيازة ، أو إجراء المعاملات التي تشمل هذه الحقوق، مثل ضمان أن تكون الخدمات متاحة للجميع.
_توفير إمكانية الوصول إلى العدالة لمعالجة التعديات على حقوق الحيازة المشروعة، ويتعين على الدول توفير أساليبفعالة ومتاحة للجميع، من خلال السلطات القضائية أو نهج أخرى، لحل المنازعات حول حقوق الحيازة؛ والعمل علىإنفاذ النتائج بصورة فورية وبتكلفة معقولة، كما ينبغي أن تقدم الدول تعويضا فوريا وعادلا في حال الاستيلاء علىحقوق الحيازة لأغراض عامة .
وإلى جانب مصادرة أراضي الصحراويين من قبل قوة الاحتلال المغربي، تم طرد وتهجير المدنيين الصحراويين منأراضيهم الرعوية، والفلاحية، وإبادة قطعان الإبل والأغنام، والقضاء على الغطاء النباتي، إضافة إلى تجفيف منابعالمياه، وتدمير واستنزاف الفرشة المائية، وطمر الآبار، ومحو آثار اركيولوجية وتاريخية للثقافة الصحراوية، واستنزافمخزون الرمال الصحراوية بتهريبها وبيعها، مما شكل خطرا على البيئة والتربة، فضلا عن استعمال أسلحة متطورةومحرمة دوليا، وزرع الألغام بصفة عشوائية عقب احتلاله لجزء من الصحراء الغربية بثغرة “الكركرات” غير الشرعية، فيظل تجدد المواجهات العسكرية بين قوة الاحتلال المغربي وجبهة البوليساريو منذ تاريخ 13 تشرين ثاني / نوفمبر 2020،وهو ماترتبت عنه مجموعة من الأضرار البشرية و البيئية الخطيرة.
ورفضا لسياسة مصادرة أراضي المدنيين الصحراويين والتعدي على حقوق الحيازة المشروعة للأراضي، اندلعت حركاتاحتجاجية اجتماعيةٍ نقابيةٍ سلميةٍ واسعة للمدنيين الصحراويين بالمدن الصحراوية : العيون والداخلة وبوجدور وتلمزون ورأس أمليل وصبويا وآسا والمحبس ولبيرات ومزيريكة وبيظة السدرة بنواحي الزاك، رافضة مصادرة أراضيهم،والتي ووجه جزء منها بالقمع الممنهج من قبل قوة الاحتلال المغربي.
و على هذا الأساس، و أمام هذا الوضع الخطير المتسم باتساع دائرة الاستيطان بإعتباره جريمة متكاملة ومستمرة،تستهدف مصادرة أراضي المدنيين الصحراويين لتكريس الضم القسري،
فإن لجنة الثروات الطبيعية والبيئة والهجرة لتجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان بالصحراء الغربية، و هيتؤكد على :
أولا : الوضع القانوني و الدولي للصحراء الغربية، حيث هي قضية تصفية استعمار لا زالت تخضع إداريا للاستعمارالاسباني ، باعتباره القوة المديرة للإقليم طبقا لأحكام ومقتضيات المادة 73 (هـ ) من ميثاق الأمم المتحدة.
ثانيا : التعجيل بتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية ، وتمتيع الشعب الصحراوي بحقه في تقرير المصير، و فيالتصرف في أراضيه وثرواته.
ثالثا: الشعب الصحراوي من الشعوب الأصلية ، ترتبط الأراضي و الموارد الطبيعية التي يجب أن يعتمد عليها ارتباطاوثيقا بهويته و ثقافته و أساليب معيشته، المستمدة من جماعات اجتماعية و ثقافية متميزة تتشارك في روابط جماعيةمتوارثة عن الأجداد.
رابعا : واقع الاستيطان واستمراره يعتبر جريمة ضد الانسانية، ويشكل عائقا أمام ممارسة حق الشعب الصحراويلحياته اليومية، وحقوقه الوطنية المشروعة.
خامسا : الارهاب، وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية الممارسة من قبل قوة الاحتلال المغربي ضد المدنيينالصحراويين ، إلى جانب جريمة الاستيطان تعتبر ممارسات ووسائل تهدف لاقتلاع واجتثات الشعب الصحراوي منأرضه.
وتعلن مايلي :
_تضامنها مع الحركاتِ الاحتجاجية المشروعة الاجتماعية والنقابية السلمية الواسعة، و مع ضحايا الاستيلاء علىأراضيهم من المدنيين الصحراويين.
_اعتبارها مصادرة الأراضي و تشجيع الاستيطان جرائم تندرج ضمن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وانتهاكاصارخا لمبادئ القانون الدولي وأحكام الصكوك والاتفاقيات الدولية مثل اتفاقيتي لاهاي لعامي 1899 و1907 )قانونالاحتلال )، وميثاق الأمم المتحدة ، واتفاقيات جنيف الأربع وخاصة المتعلقة بحماية المدنيين في وقت الحرب، و للمادة 04 من اتفاقية جنيف الرابعة.
_استغرابها صمت الأمم المتحدة، وبعثتتها بالصحراء الغربية MINURSOعن جرائم الاستيطان، والاستيلاء علىأراضي المدنيين الصحراويين.
_مطالبتها بإجراء تحقيق دولي مستقل بخصوص مصادرة والاستيلاء على أراضي المدنيين الصحراويين بالجزء المحتلمن الصحراء الغربية والمدن الصحراوية الأخرى، مع ضرورة اتخاذ إجراءات عقابية، وقانونية، بهذا الشأن وفق القانونالدولي.
_إثارتها انتباه المجتمع الدولي لإستمرار جرائم الاستيطان، و الاستيلاء غير الشرعي على الأراضي، التي تمارسها قوة الاحتلال المغربي بوتيرة متسارعة، و ممنهجة، بهدف التغيير الديموغرافي، والجغرافي، والتاريخي لواقع الصحراء الغربية، والتأثير على النمط الاجتماعي، والديمغرافي، والاقتصادي للصحراويين بالجزء المحتل من الصحراء الغربية ، بما يتعارض والحقوق المشروعة للسكان الأصليين الذين يعيشون فيها.