تشهد منطقة شمال إفريقيا “أسوأ موجة جفاف” منذ 30 عاماً، ما دفع بعض مدن المنطقة للتخطيط لتقنين استخدام المياه.
وذكرت “بلومبرغ” في تقرير، أن الأمطار باتت شحيحة في المغرب في موسم الزراعة الحالي، ووصلت كمية مياه الأمطار منذ سبتمبر الماضي، إلى أدنى مستوياتها خلال 3 عقود على الأقل.
وأضافت أن “أجزاءً من الجزائر وتونس أصبحت جافة أيضاً، ما يعرضهما لخطر قلة المحاصيل”، وهو الأمر الذي سيزيد من اعتمادهما على الإمدادات الأجنبية، في وقت تصل فيه أسعار الغذاء لأرقام قياسية عالمياً.
فترة حرجة
ويعتبر شهرا مارس وأبريل أهم فترة للمحاصيل الزراعية في المنطقة، ما يترك وقتاً لإمكانية حدوث انتعاش في حال وصلت الأمطار قريباً، لكن في الوقت الراهن، تشير توقعات على المدى القريب إلى أن الوضع “لن يكون مريحاً”.
ويوظف قطاع الزراعة في المغرب واحداً من كل 3 عمال في البلاد، كما يعتمد المغرب على صادرات المنتجات الزراعية لدعم الاقتصاد.ونقلت “بلومبرغ” عن رئيس “الكنفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية” (كومادير) رشيد بن علي، قوله: “نحاول توفير ما يمكن توفيره، واستخدام الحد الأدنى من المياه المتاحة لدينا، ولكن الوضع معقد بشكل كبير وغير مسبوق”.
ويعد المغرب والجزائر وتونس، من أكثر البلدان استيراداً للقمح على مستوى العالم، إذ تتأرجح المحاصيل بشكل كبير من عام إلى آخر بحسب هطول الأمطار، لكن الإنتاج المصري يميل إلى أن يكون أكثر استقراراً بسبب اعتماده على الري.
وتعتمد هذه البلدان على استيراد الحبوب من الخارج، حتى عندما تكون المحاصيل وفيرة، بسبب حجم الاستهلاك المحلي، والذي يشكل فيه الخبز والكسكسي عنصرين أساسيين في النظم الغذائية المحلية.
“وضع متوتر”
وسيؤدي أي نقص في الإمداد لمعدل إنفاق أعلى من المعتاد، إذ وصل مؤشر الأمم المتحدة لأسعار المواد الغذائية إلى أعلى مستوياته منذ عقد بسبب نقص الإمدادات العالمية، وفق “بلومبرغ”.ويعتمد سكان الدول المحلية على المواد المدعومة من قبل الحكومة، وقد يؤدي انخفاض محصول شمال إفريقيا إلى زيادة الإنفاق المحلي.
ونقلت “بلومبرغ” عن منسق شبكة معلومات السوق الزراعية في البحر الأبيض المتوسط، ديفيد جاس، قوله: “الوضع متوتر للغاية بالفعل، وقد يكون أسوأ في عام التسويق المقبل”.من جهته قال رئيس “كومادير” رشيد بن علي، إن المغرب يواجه حالياً جفافاً حاداً كل سنتين إلى ثلاث سنوات، مقارنة بما بين 7 و10 سنوات في التسعينيات، مرجعاً هذا المعدل الأعلى إلى تغير المناخ.
وأشار إلى أن المزارعين يريدون من السلطات دعم أعلاف الحيوانات، لتعويض المراعي الجافة وارتفاع أسعار الحبوب العالمية.
توقعات بـ”أسوأ إنتاج”.
وأعرب وزير الفلاحة المغربي محمد صديقي، عن “قلقه البالغ” بشأن الجفاف، وتوقع أسوأ إنتاج زراعي في البلاد منذ عقود، بحسب ما أوردت “بلومبرغ”.
وتصف وزارة الزراعة الأميركية الجفاف في المنطقة بأنه “استثنائي”.
وبسبب موجة الجفاف الكبيرة في المغرب، أعلنت السلطات في مدينتي مراكش ووجدة خطط لتقنين استخدام المياه، وهي الخطوة التي وصفتها بأنها غير عادية في موسم الأمطار الشتوية.
ووفقاً لمجموعة “Commodity Weather Group”، فإنه من المتوقع هطول القليل من الأمطار فقط خلال الأسبوعين المقبلين، مما سيحد من ثلاثة أرباع حزام القمح في شمال إفريقيا.
ونقلت “بلومبرغ” عن سيفيرين أومنيس-ميزون، المحللة في شركة “ستراتيجي جرينز” الاستشارية، ومقرها فرنسا، قولها: “صحيح أنه من السابق لأوانه أن نكون متشائمين للغاية، ولكن الجفاف الحالي يمثل مصدر قلق”.