لجنة متابعة ملف الأسير الصحراوي “مصطفى الدرجة” تصدر بيانها الثامن والخمسين (58) بمناسبة تخليد الذكرى الشهرية لإختطافه:
في بلد الأزمات اللامتناهية والعدالة المنقوصة، والكيل بمكاييل عدة، ومؤسسات لا تراعي مبدأ تساوي الحقوق بين السجناء، ويسودها منطق التمييز العنصري…لا يزال ملف مصطفى الدرجة يطرح نفسه على الساحة، لما يعانيه من أمراض مزمنة جراء التعذيب، والظلم التعسفي، والأوضاع المأساوية داخل زنزانته بالحي الأمني (A) الذي يفتقر الى كل مقومات العيش الكريم .
والغريب في الأمر، وهو سؤال محق يطرحه أهالي الأسير : كم مُرتكبِ جُرمٍ : من سارق وقاتل وإرهابي أُصدرت الأحكام في حقهم، فقضوا فترة محكوميتهم ولم يعانوا ما يعانيه إبنهم الذي يؤكدون أنه اعتقل ظلماً.
وفي هذا الإطار، أكدت اللجنة أنه جرى اعتقال مصطفى الدرجة المعروف بسخائه المعهود والمشهود له بتسخير كل إمكانياته (المادية والمعنوية) لأبناء بلده، معتبرةً أن الاعتقال كان بسبب دعم الفقراء والمرضى وإعانة الأُسر والذي تحاربه الدولة باتخاذها سياسة التفقير لضرب المكوّن الصحراوي من خلال التهميش واللامبالاة، من أجل ضمان الاستقرار الذي يفتقده النظام، ولا سيما وأن الصحراويين مستهدفين ويعانون من هذا الخلل في غياب أي اهتمام لمطالبهم السلمية (الاجتماعية والاقتصادية) .
نعم هذه هي حقيقة الأمور في هذه الدولة.
نتسائل كثيرا عن حقوقنا كبشر، لكننا مع مرور الوقت ندرك أن كل شيء مجرد حبر على ورق، المعاناة لازالت مستمرة والآلام النفسية لا حصر لها .
فالأسير صاحب قضية و حق، قاوم كل ظروفه القاسية بهذا الجناح من عزلة و تصفيد و سب و تحقير، إلا أنها تبقى أصغر همومه، أمام ما تتكبده عائلته من بُعد المسافة، والمنع من الزيارة لدقائق معدودات علّها تُنسيه محنتة داخل ذلك الجناح الأمني (A) المخيف بصمته ووحشيته، محن تنضاف لتلك الاستفهامات اليومية كنتاج للخطاب الذي يدور في نفسه ولعل أبرزه: ماذا أفعل هنا ؟! بأي ذنب سُجنت؟!
ليجد الجواب اليتيم الوحيد الذي يسمعه هو ما تم تلفيقه له من تهم، تخلوا جملة و تفصيلا من أسس المحاكمة العادلة . فالملفات القائمة على غياب قرائن الإثبات ، إنما هي باطلة و عارية من الصحة ولم يجانبها الصواب، بدءًا بتحرك الأجهزة بتجهيز ملفات ثقيلة شكلاً ومضمونا، بتردد اسم الرجل في عدة مذكرات بحثٍ بمساطر استنادية تَمَّ ربطها بمجموعات متفرقة على عدة مدن مغربية لاتربطه بهم أية صلة، ليتم بعدها الإختطاف من مكان عام إلى آخر مجهول، قانونه كسر العزيمة و قتل النفوس. زاده في ذلك أساليب التعذيب الممنهجة من صعق بالكهرباء عالي التردد والجلوس بوضع الركبتين على المسامير الحديدية، مرورا بالحرمان من النوم لأيام طوال، وصولا إلى التجريد من الكرامة و الترهيب النفسي، الى الحكم الجائر بعشرة سنوات .
مشاهد مؤلمة نستحضرها ممزوجة بآلام جَسَدِه الظاهرة والباطنة، ووضعه لا يحتاج للتنقيب، فظاهره يعكس حالته المؤسفة، دون إغفال منا لما تعانيه أٌسرته من ترصد و تضييق من طرف المؤسسة السجنية الاوداية-مراكش، بالمنع وسوء المعاملة ، أو من طرف مندوبية السجون التي تأبى الأخذ بعين الاعتبار بُعد المسافة بينه وذويه، أفبعد هذا كله نتحدث عن حقوق الانسان..؟!
وفي الختام نقول أوقفوا هذا الظلم وكفى استخفافًا بنا وبكرامتنا وبأبنائنا !