الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية
وزارة الشؤون الخارجية
بيان
لا تفوت دولة الاحتلال المغربي فرصة من أجل التشفي والإساءة لكفاح الشعب الصحراوي العادل ورموزه الوطنية، حتى في أمور إنسانية بحتة كالحالة المترتبة عن مرض الرئيس الصحراوي الأخ أبراهيم غالي ومواصلته العلاج بالخارج. وفي هذا الإطار، أصدرت وزارة الخارجية المغربية اليوم بياناً ينطبق عليه المثل العربي القائل “كل إناء بما فيه ينضح” متضمناً، كالعادة، تجنياً ومغالطات لا أساس لها، إلا في مخيلة النظام الملكي المغربي، المسكون بأوهام التوسع والنزوع للعدوان.
هذا النظام الذي يربط شرعيته وإستمرار وجوده بمدى قدرته على تصدير أزماته الى الآخر وإلحاق الأذى بالجيران وزعزعة إستقرارهم في إطار عقيدته الراسخة حول وهم “المغرب الكبير”، المتبنى في آخر دستور مغربي في بنده 42 المتضمن “الحدود الأصلية للمملكة”.
إن وزارة الخارجية الصحراوية تغتنم الفرصة لتؤكد المعطيات التالية:
1. المغالطة والتشفي واللجوء الى إستخدام قضايا إنسانية في سوق الإبتزاز الذي تتبناه الرباط نهجاً سياسياً قاراً في التعامل مع الجيران ومع العالم بأسره يعكس عوز دولة الاحتلال المغربي وإفتقارها الشديد لأدنى حجة لمواصلة إحتلالها العسكري لأجزاء من الجمهورية الصحراوية المرفوض والمدان من طرف جميع الشرائع والقوانين الدولية وموقفها المتعنت والأرعن إزاء جهود المجتمع الدولي لتصفية الاستعمار في الإقليم وهو ما قاد إلى نسف مخطط التسوية الأممي ـ الافريقي من أساسه يوم 13 نوفمبر 2020 والزج، بالتالي، بالمنطقة في أتون الحرب من جديد والمرشحة لتصعيد أكبر إذا لم يتحمل مجلس الأمن الدولي مسؤوليته الكاملة بهذا الصدد.
2. اللجوء الى تحويل مكاتب المخابرات المغربية في الخارج الى “منظمات غير حكومية” لتشويه كفاح الشعب الصحراوي العادل والذي يشهد العالم والتاريخ على نظافته، وهي “حيلة” لا تنطلي على أحد، وأولها حكومات وشعوب البلدان المستضيفة. تلك “الجمعيات المخابراتية”، التي لا تظهر إلا تحت الطلب في مواسم “الصيد في المياه العكرة”، فشلت وستفشل دائما من أول خطوة في مسعاها ومسعى القصر الملكي من ورائها للتأثير على التضامن والتعاطف الشعبي والسياسي مع الشعب الصحراوي وممثله الشرعي والوحيد، جبهة البوليساريو، لسبب رئيسي هو اعتماده تلك “الجمعيات المخابراتية” التزوير والكذب والتلفيق الذي لا يصمد أمام أول اختبار للحقيقية.
3. تتحدث الخارجية المغربية في بيان رسمي عن “جرائم ضد الإنسانية” ” و”إنتهاكات حقوق الانسان”. بالفعل، “إذا لم تستح، فقل ما شئت”. إن دولة الاحتلال المغربي، التي يوجد القمع والقتل والابادة والظلم والتجهيل والتفقير في حمضها النووي منذ تأسيسها الى يومنا هذا، تملك من الصفاقة والبذاءة ما يجعلها تتحدث، دون خجل، عن قضايا كتلك، في الإشارة الى جبهة البوليساريو والشعب الصحراوي، الذي يعاني منذ أزيد على 45 سنة من إحتلال يشكل أكبر تجل مركب لكل إنتهاكات حقوق الانسان والجرائم ضد الإنسانية.
تلك الجرائم التي مازالت متواصلة الى يومنا هذا وموثقة من طرف كبريات المنظمات الحقوقية الإنسانية الدولية كآمنستي إنترناشيونال، وهيومان رايتس ووتش، ومركز روبرت كندي لحقوق الإنسان، وفرونت لاين، والفدرالية الدولية لحقوق الانسان، والمنظمة الافريقية لحقوق الانسان والشعوب وغيرها، بالإضافة الى مئات التقارير الصادرة عن بعثات ومؤسسات حقوقية وأكاديمية دولية وازنة، وليست من مخابر وأقبية المخابرات المظلمة.
ولنذكر على سبيل المثال فقط الحكم القضائي (1/2015) الصادر بتاريخ 9 أبريل 2015 من قبل قاضي المحكمة الوطنية الاسبانية، بابلو روث، الذي قام فيه بمقاضاة أحد عشر مواطن مغربي من كبار ضباط الجيش والشرطة لارتكابهم لجرائم الإبادة الجماعية في الصحراء الغربية بين عامي 1975 و 1992، وفي بعض الحالات في موازاة مع ارتكابهم لجرائم الاحتجاز غير القانوني والتعذيب والقتل والاختفاء القسري.
إن مثل هذه الأحكام القضائية والتقارير الدولية قادت الى تكريس الانطباع السائد في الأوساط الانسانية والأكاديمية الدولية أن دولة الاحتلال المغربي تجسد النموذج الأوضح للدولة المارقة حقوقياً بسبب مواصلة انتهاكها الممنهج لحقوق الانسان المغربي، وسياسياً بسبب استمرار احتلالها اللاشرعي لأجزاء من الجمهورية الصحراوية ولجرائمها اليومية المرتكبة بحق المدنيين الصحراويين تحت الاحتلال.
4. إن المجتمع الدولي، وعلى رأسه الاتحاد الأوروبي مطالب في إطار سياسات الجوار والمبادئ المؤطرة لاتفاقيات الشراكة الثنائية المتعلقة بها، بوضع حد لاستمرار افلات النظام المغربي من العقاب ومحاسبته على الجرائم التي يرتكبها يومياً ضد الشعب الصحراوي الأعزل تحت الاحتلال، وجهوده الممنهجة لضرب استقرار جميع دول الجوار من خلال اغراقها بالمخدرات وتعزيز تحالف الاتجار بها والإرهاب في المنطقة، واستخدام موضوع الهجرة غير الشرعية والتعاون الأمني أسلحة للابتزاز والمقايضة.
يجب أن تعي دولة الاحتلال المغربي جيداً أن شرط السلام مرتبط بالعدالة التي لن تتحقق الا بتمكين الشعب الصحراوي من حقوقه غير القابلة للتصرف في تقرير المصير والاستقلال.
إن الرضوخ لنزوات وابتزاز النظام المغربي ليس خياراً، بل سبباً في تغذية جنوحه للتمرد والغطرسة والزج بالمنطقة بكاملها في أتون أوضاع لا تحمد عقباها.
بئر لحلو 25 ابريل 2021.